وجدت التحذيرات القوية من رجل الأعمال صالح كامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة حول الاستثمار في سوق الأسهم السعودية الكثير من ردود الأفعال المؤيدة والمضادة في السوق. وبحكم موقعه الريادي في مجال الأعمال فمن الطبيعي أن تجد تصريحاته اهتماما بالغا. وشخصيا سئلت عن رأيي حول تصريحاته وتوقيت إطلاقها، وهل هي في صالح المستثمرين أم ضدها. وأبديت رأيي رغم تواضعه أمام مجموعة كبيرة لها وزنها وتقديرها في عالم التجارة والأعمال، حيث حاولت من خلال حديثي في إذاعة البرنامج الثاني يوم الاثنين الماضي وأيضا حديثي هاتفيا مع قناة الاقتصادية السعودية في نفس اليوم أن أخفف من حدة التفسيرات المتشائمة، إذ قلت إني فهمت من تصريحه معاني ضمنية بالتحذير من الدخول العشوائي وغير المدروس، خاصة من الذين يقومون بعمليات الاقتراض لكي لا تتكرر المأساة. كذلك كان من ضمن تحذيراته والتي أؤيدها بقوة المغامرة بأخذ التسهيلات البنكية دون حساب تام للعواقب. فالبنوك عندما تنخفض قيمة الأصول عن مستويات 20 % تقريبا تبدأ بعمليات التسييل، والتي تحدث كثافة بالبيع تفاقم من حدة انخفاض الأسعار وتكون النتائج بلا شك كارثية، ليس فقط على المقترضين وإنما على معظم المتداولين الذين سيعانون بشكل أو بآخر من تداعيات تلك الانخفاضات. ومن الواضح أن الكثير من المتداولين قد أخذوا تصريحاته على عموم اللفظ وتناسوا خصوصا الأسباب التي لا يشك أحد في صحة الكثير منها . إلا أن بعضا من تصريحاته لا يستطيع أي إنسان اتاه الله العلم بمجال تحليل الأسواق المالية أن يتقبلها كما هي دون توضيح لتفاصيل مهمة توضح مبررات اختلاف وجهات النظر. ومنها مثلا أن التحذيرات اشتملت على ألفاظ عامة تأخذ في معناها الظاهر صفة الإطلاق مثل أن الاستثمار بهذه السوق يعتبر استثمارا بالاقتصاد الطفيلي، ولم أفهم حقيقة كيفية تطبيق مثل هذا المصطلح على أسهم شركات رائدة ليس على مستوى المملكة أو الخليج فحسب، وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي وبدون تحديد أسماء . والأسهم مثلها مثل العقار إن صحت المقارنة ، فهناك عقارات قد تتجاوز مكرراتها حاجز العشر مرات ولكن بحكم موقعها الاستراتيجي أو خصائصها التاريخية فهي تعطيها قيمة مضافة. وشركات سوق الأسهم ينطبق عليها ما ينطبق على أي أوعية استثمارية أخرى، فهناك العديد من المعايير والخصائص التي تؤخذ في الاعتبار لتحديد القيمة العادلة لأسهم الشركة، ومنها مثلا نمو الأرباح تاريخيا ومدى هيمنة تلك الشركة على صناعة القطاع الذي تنتمي إليه وقوة تأثيرها على السوق بكامله، بالإضافة إلى أهمية وحاجة الآخرين داخليا وخارجيا لمنتجات تلك الشركة وبعض المعايير الأخرى مثل نوع الصناعة التي تتناولها الشركة، وهل هي من الصناعات الدورية أو الدفاعية إلى جانب معايير أخرى اقتصادية ولا ينبغي قياس ما يحدث بشركات المضاربة على باقي الأسهم الاستثمارية والتي يمكن اعتبارها مخزنا حقيقيا للقيمة وادخارا استثماريا على المدى البعيد.